الكلمة الافتتاحية للمؤسس الأكاديمية العليا للرمز أ. فاطمة العيساوي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السَّادَةُ وَالسَّيِّدَاتُ الكِرَامُ
أَوْقَاتٍ مُبَارَكَةٍ طَيِّبَةً
يُسْعِدُنِي وَيُشَرِّفُنِي اليَوْمَ أَنْ أَفْتَتِحَ مَوْقِع فَرِيد مِنَ الإِلْهَامِ وَالتَّعَلُّمِ المُمَتَعَ فِي عَالَمِ الرُّمُوزِ وَالدِّلَالَاتِ، حَيْثُ تَتَجَلَّى الرُّمُوزُ بِجَمَالِهَا وَتَعَمّقُهَا فيهِ وَتَتَلَأْلَأُ أَهَمِّيَّةُ الدَّلَالَاتِ وَالتَّفْسِيرَاتِ فِي العُقُولِ مِنْ خِلَالِهِ. وَلْنَعْلَمَ أَنَّ العَالَمَ مَنْ حَوْلِنَا مَلِيءٌ بِالرُّمُوزِ الغَنِيَّةِ وَالمُتَشَعِّبَةِ وَفَهْمُهَا يُسَاعِدُنَا فِي تَفْسِيرِ الرَّسَائِلِ المُخْفِيَّةِ وَرَاءَهَا عَلَى كَافَّةِ الأَصْعِدَةِ وَالمَجَالَاتِ.
أَحْبَتِي فِي اللهِ:
إِنَّنِي اليَوْمَ فِي العَاشِرِ مِنْ شَهْرٍ حُزَيْرَانَ المُوَافِقُ لِلْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ المُبَارَكِ أُطْلِقُ هَذَا الصَّرْحُ العِلْمِيّ وَالثَّقَافِي الَّذِي يُجَسِّدُ أَهَمِّيَّةَ الرُّمُوزِ وَدَوْرِهَا الكَبِيرِ فِي حَيَاتِنَا، وَكَمَا قَالَ الشَّيْخُ الأَكْبَرُ مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ العَرْبِيِّ:
أَلَا إِنَّ الرُّمُوزَ دَلِيلُ صِدْقٍ عَلَى المَعْنَى المَغِيبِ فِي الفُؤَادِ
وَلأَنَّنِي أَعْلَمُ أَنَّ لِلرُّمُوزِ لُغَةً عَالَمِيَّةً تَعْبُرُ عَنْ مَشَاعِرِنَا وَأَفْكَارِنَا بِطُرُقِ فَرْيْدَةٍ وَمُبْتَكَرَةٍ ، وَتُخَاطِبُ العَقْلُ البَشَرِيُّ بِمُسْتَوَاهُ الأَعْلَى . قَرَرْتُ أَنْ أَفْتَحَ أَبْوَابَ هَذِهِ الأَكَادِيمِيَّةِ لِأُقْدِّمَ لِلْعَالَمِ مَكَانًا يُعْنِى بِدِرَاسَةِ الرُّمُوزِ وَتَطَوُّرِهَا وَتَأْثِيرِهَا فِي مُخْتَلَفِ جَوَانِبِ الحَيَاةِ العِلْمِيَّةِ وَالعَمَلِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ، وتَأثِيْرَهَا على الفَرْدِ وَ المجْتَمَعِ.
وَأَتَقَدَّمُ بِالشُّكْرِ لِطُلَابِي وَطَالَبَاتِي فِي جَمْيعِ الدُّوَلِ العَرَبِيَّةِ، وَأَتَوَجَّهُ بِالقَوْلِ لِأُخْوَتِي السُّورَيَّيْنِ فِي كُلِّ بِقَاعِ الأَرْضِ: " نَحْنُ قَادِرُونَ أَنْ نُثْبِتَ لِلْعَالِمِ بِأَنَّ سُورِيا كَانَتْ وَمَا زَالَتْ مَهْدَ الحَضَارَاتِ وَالعِلْمِ، إنَّ سِلَاحِنَا الثقة باللهِ تعالى والإرادةِ والعَزيمةِ الفُولاذِيْة والإصرَارِ على النَّجَاحِ حتى لَوْ حَاصَرْنَا الظَّلام، وإنَّ الولادةَ مِنْ رَحِمِ الألَمِ ورمَادِ الاحتِراقِ يصنَعُ العُظَمَاءُ الأمجادَ، وتُكتَبُ أسْمَائُهُمْ بمَاءِ الذَّهبِ على صَفَحَاتِ التَاريخِ والأزْمَاْن، وَحَتَّى وَإِنْ تَفَرْقنَا... يَاسَمِينُ الْمَجْد يَجْمَعُنَا فِي السَّمَاءِ لِنَنْثُرُ الْخَيْرَ عَلَى جَمِيعِ الدُّوَلِ وَالْبُلْدَانِ فَنَحْنُ الْغَيْثُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ لِأَنَّنَا بُورِكْنَا مِنْ حَبيبِ الرَّحْمَنِ.
وَصَلَ اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد وَعَلَى آلهِ وَصَحْبَهِ وَسُلَّمَ
والحمد للهِ ربّ العالمين