
أنا العنقاء
أنا العنقاء
منذ بداياتي العلمية وأنا أتفكر في الكون وأرى فيه روعة جمال الأشكال من حولي وأغرق فيه، هذا الأمر دفعني إلى تربية عوالمي التي وهبني الله إياها وتغذيتها بما يناسبها فعلمت أن غذاء عقلي هو التفكر في الصور والأفعال الأقوال والحركات والسكنات التي يغرق عالم الملك فيها فإذا بقصر ضخم أمامي وأنا واقفة مذهولة على عتبة بابه أتأمل جمال الرموز والعبارات المنقوشة بالأنوار المتلألئة على بابه كانت الأنوار تشع منها لتدخل عقلي وتتلألأ فيه كما يتلألأ اسم الله بقلبي؛ هممت بالدخول فإذا برجلٍ يخاطبني بصمت يا فاطمة هذا قصرك ولكن قبل الدخول عليك دفع ثمن مفتاحه. مدَّ يده اليمنى وبداخلها قطعة من القماش سندسي اللون عليها مفتاح على شكل طائر العنقاء فاردة جناحيها مكتوب على صدرها فاطمة وعلى أجنحتها *بسم الله الرحمن الرحيم*
أخذت ُ المفتاح وقلت له جاهزة لدفع الثمن، فكان أول ما دفعته تآمر شياطين الإنس من حولي، سقيت نفسي من دموعي حتى الدهم فترة من الزمن ونسيت ما لديَّ من نِعم ألا وهو القصر، ضممت المفتاح إلى صدري بكلتا يديَّ فإذا بي ألبس المفتاح وتمتزج العنقاء مع جسدي وتمتد أجنحتي الملونة وتطير بي إلى السماء، أنظر للعالم فإذا به صغير ككرة في يدي، وصوت يناديني يا فاطمة لماذا الحزن والعالم في يدك أنت أكبر من هذا العالم فقط اعرفي من أنتِ، هبطتُ ووقفت على عتبة الباب ووضعت المفتاح في القفلِ فإذا بنور يشع في أرجاء عقلي و يمتد ليضيء قلبي، ليضيء ما أطفئته الحياة بداخلي، وبعد أن أصبحت جسم من نور دخلت قصري، كانت أعمدة خضراء تتلألأ في كل أرجاء المكان عاكسة صوري الأربعين اللواتي تقلبت بهن عبر مسيرة حياتي، آه ما أغرب تلك الصور، أكملت السير في داخل قصري فإذا الأبواب مقفلة ولكن لا شيء يقف أمام إصراري وشغفي لا شيء يقف أمام العنقاء، ضربة يقين واحدة على رقعة الشطرنج كانت كفيلة بتلاشي الأبواب أمامي. تابعت سيري وصعدت الست درجات الممتدة أمامي لأقف أمام كرسي عرشي وكان الخيار أمامي إما الجلوس أو أبقى واقفة أنظر إلى الرموز كيف تصطف حولي، اخترت الوقوف بثبات ليأتي رجل النور ويضع التاج فوق رأسي وما إن وضع التاج حتى تبدلت ثيابي ها هو درع التكبير (الله أكبر) يغطي صدري وها هي قلادة الثبات تزين عنقي، وخاتم العبودية الخالصة لله ربِّ يلتف حول إصبعي وسيف الشهادة لا إله إلا الله مغروز بغمده على خصري، والرموز تصطف بحبٍ أمامي، أجل إنها مملكتي إنها مملكة الرمز.